كمبيوتر وملاحقاته
- تاريخ النشر
- كتب بواسطة: د.حازم سكيك
- الزيارات: 20838
تعتمد بعض انظمة الحماية في المطارات والفنادق الضخمة على انظمة حماية متطورة تستخدم فيها انظمة كمبيوتر تستطيع ان تتعرف على الاشخاص المتواجدين والغير مرغوب فيهم مثل اللصوص والمشاغبين، فيستطيع رجال الامن فوراً وخلال فترة وجيزة من القاء القبض عليهم. وتعتمد هذه الانظمة قواعد بيانات لصور الاشخاص المجرمين واللصوص وغيرهم ويقوم برنامج الكمبيوتر بمقارنة الصور التي تلتقطها كاميرات المراقبة بقاعدة البيانات للتعرف على ما اذا كان احداً غير مرغوب فيه موجود في المكان أم لا. ان هذا الشرح البسيط يخفي خلفه الكثير من العمليات المعقدة التي سوف نتناولها بالشرح والتوضيح في هذا المقال.
في العام 2001 تم استخدام اول نظام للتعرف على الأوجه في ولاية امريكية للتقليل من الجريمة. ولكن هذا النظام فشل في التعرف على اي من المجرمين، حيث انه لم يتمكن من الحصول على صور واضحة لهم وخصوصاً عند استخدامهم للاقنعة. كما تم في مطار بوستن بامريكا عمل تجربة اخرى لنظام اكثر تطوراً للتعرف على الأوجه الا انه بعد ثلاثة اشهر من التجارب فشل هذا النظام ايضا.
في موضوعنا هذا سوف نلقى الضوء على تاريخ تطور انظمة التعرف على الاوجهة وكذلك كيف تخطط الحكومات والمؤسسات الخاصة لاستخدامه؟
منحنا الله سبحانه وتعالى العقل الذي يستطيع ان يقوم بالتعرف على الاوجه التي نراها ونستطيع ان نعرف اذا ما كنا قد قابلنا هذا شخص ما من قبل أو لا، ولكن في مجال الكمبيوتر فإن هذا الامر صعب جداً بالرغم من القدرات التخزينية الكبيرة له وفي منتصف الستينات، بدأ علماء العمل على إستعمال الكمبيوتر لمعرفة الوجوه الإنسانية. ومنذ ذلك الحين، وحتى الان لا زال العمل جاري لتطوير برامج تقوم بمهمة التعرف على الوجوه والتي تعرف ببرامج التعرف على الوجه Facial Recognition. ومن الشركات التي تعمل على تطوير مثل تلك البرامج شركة Identix® التي صممت برنامج اسمه FaceIt® ويقوم هذا البرنامج بالتقاط صورة لوجه من وسط تجمع كبير ومقارنة الصورة بقاعدة بيانات كبيرة لصور اشخاص. وحتى يتمكن البرنامج من التعرف على الوجه عليه في البداية ان يعرف الفرق بين الوجه الرئيسي ويعزله عن باقي الوجوه كما في الصورة ادناه وبعدها يقوم البرنامج بقياس العديد من الميزات التي تميز الوجه.
يقوم البرنامج بتكوين مجموعة من العقد الشبكية على صورة الشخص المراد التعرف عليه ويعتمد على هذه العقد في تحديد ملامح الوجه ليبدأ بعد ذلك بعملية ايجاد الصورة التي تتطابق مع صاحب هذه العقد الشبكية
كل وجه له معالم متميزة عديدة، تتمثل في التعرجات المختلفة على الوجه. ويعتمد برنامج FaceIt على هذه المعالم كنقاط عقدية. كلّ وجه إنساني له تقريبا 80 نقطة عقدية، ومن اشهر معالم الوجه التي تقاس بواسطة برنامج FaceIt هي:
(1) المسافة بين العيون
(2) عرض الأنف
(3) عمق العين
(4) شكل عظام الخد
(5) طول خط الفك
هذه المعالم تقاس بواسطة البرنامج وتترجم إلى شيفرات رقمية تسمى بصمة الوجه faceprint وتستخدم لتمثيل الوجه في قاعدة البيانات.
برنامج FaceIt يقارن بين بصمات الاوجه للشخص في الصورة مع قاعدة بيانات النظام
في الماضي، إعتمدت برامج التعرف على الوجوه على صورة ذات بعدين لمقارنتها مع صور مخزنة في قاعدة البيانات ولكن هذه البرامج لم تنجح الا اذا كان الشخص ينظر تماما إلى كاميرا التصوير وبالطبع اي شخص مشتبه فيه سيكون حذر من ان تراه اي كاميرا في المكان وهنا تكمن المشكلة حيث فشلت هذه الانظمة التي اعتمدت على صور ثائية الابعاد في عملها. هذا بالاضافة إلى التغيرات في البيئة المحيطة بالشخص مثل الاضاءة سوف تنتج صور لا يمكن للكمبيوتر ان يجد لها قرين في ذاكرته، كما ان تغير في الشخص نفسه مثل ان يكون قد غير تصفيف شعره او قصره كل هذه تسبب في فشل نظام التعرف على الوجوه.
الانظمة الحديثة للتعرف على الوجوه
الانظمة الحديثة للتعرف على الوجوه اعتمدت على نمط الابعاد الثلاثية، حيث تقوم كاميرات خاصة بالتقاط صور حية ثلاثية الابعاد للشخص المشتبه فيه، وتستخدم فيها الميزات والملامح الرئيسية لكل وجه والتي لا يطرأ عليها تغير كبير مع الزمن مثل تحويف العين وشكل الانف والمسافة بين العينين وغيره مما سبق ذكره، وهذه الملامح تعتبر مصدر معلومات لانظمة التعرف على الوجوه حيث ان التغير في الاضاءة او الظروف البيئية المحيطة لا تؤثر في تلك القياسات فمثلا يمكن ان تعمل هذه الانظمة في اي ظروف اضاءة حتى لو كان المكان معتماً وكذلك حتى لو لم يكن الشخص في مواجهة كاميرا التصوير.
كاميرا ثلاثية الابعاد تستخدم في نظام التعرف على الوجوه
إن استعمال العمق ومحور الوجه الذي لا يؤثر عليه تغير في الإضاءة هو تعرف ثلاثي الابعاد على الوجه والانظمة البرمجية التي تعتمد على تقنية ثلاثية الابعاد تمر في سلسلة من الخطوات لتتمكن في النهاية من التعرف على الوجه.
(1) الكشف Detection
وتتمثل هذه الخطوة في التقاط صورة رقمية بواسطة كاميرا رقمية ثنائية الابعاد او حتى باستخدام كاميرا فيديو.
(2) المحاذاة Alignment
بعد التقاط الصورة يقوم النضام بتحديد موضع الرأس وحجمه واتجاهة. ويتمكن نظام ثلاثي الابعاد القيام بهذه الخطوة حتى لو كانت الصورة المأخوذة للشخص صورة جانبية اي يصنع زاوية مقدارها 90 درجة مع عدسة الكاميرا، في حين ان الانظمة ثنائية الابعاد لا يمكن ان تقوم بهذه الخطوة الا اذا كان الشخص ينظر مباشرة إلى الكاميرا او في اتجاهها بحيث لا تزيد الزاوية بين وجه الشخص وعدسة الكاميرا عن 35 درجة.
(3) القياس Measurement
يقوم برنامج النظام بحساب المنحنيات والتعرجات على الوجه بدقة تصل إلى اجزاء من المليميتر. ويحول تلك المعلومات إلى نموذج للوجه.
(4) التميثل Representation
يقوم النظام في هذه الخطوة بترجمة النموذج ويحوله إلى شيفرة. تعتبر الشيفرة الخاصة بكل نموذج فريدة وتتكون من مجموعة من الارقام.
(5) المقارنة Matching
في حالة ان تكون الصورة ثلاثية الابعاد وتتطابق مع صور ثلاثية الابعاد ومخزنة في قاعدة بيانات النظام، فإن المقارنة بين الصور يتم مباشرة. ولكن التحدي الذي يواجه هذه الانظمة هو ان معظم الصور المخزنة في قواعد البيانات هي صور عادية (ثنائية الابعاد) فكيف يمكن مقارنة صورة حية لشخص يحرك رأسه امام الكاميرا وتلتقط له صورة ثلاثية الابعاد مع ملايين الصور الثنائية الابعاد. ولهذا تطورت تكنولوجيا جديدة تعتمد استخدام ثلاث نقاط مختلفة للتعرف ومن هذه النقاط تمثل خارج العين وداخل العين وطرف الانف وتقوم تلك الانظمة باجراء القياسات الدقيقة على الابعاد بين هذه النقاط للصور الثلاثية الابعاد وتبدأ في تحويلها إلى صور ثنائية الابعاد من خلال تطبيق خوارزميات رياضية معقدة. وبعد عملية التحويل من هذه يبدأ النظام بعمل المقارنة.
(6) التعرف او التحقق Verification or Identification
في خطوة التعرف يم مقارنة الصورة ومطابقتها مع صور قاعدة البيانات التي فرزها النظام في الخطوة السابقة. ولكن اذا كان الهدف هو التحقق من نتيجة الخطوة السابقة فإن النظام يقوم بمقارنة الصورة مع كل الصور في قاعدة البيانات ويتم عرض نتائج المطابقة بنسب مئوية.
وفي الجزء القادم من الموضوع سوف نتعرف على بصمة بشرة الوجه وكيف يتم استخدامها في التعرف على الوجوه والتحقق من المطابقة.
التحليل السطحي لتفاصيل بشرة الوجه
من الممكن ان لا تكون الخطوات السابقة كافية للتعرف على الشخصية او التحقق منها بنسبة 100% لذلك طورت شركة Identix® منتج جديد وهو برنامج كمبيوتر يساعد في رفع نسبة التحقق. وهذا البرنامج يعتمد على بصمة الجلد المميزة وتضاريس سطح الوجه.
برنامج تحليل تضاريس بشرة الوجة يقوم بتحويل صورة الوجه الى نموذج شبكي ليستخدمه البرنامج اما في التعرف أو التحقق
تتمثل عملية تحليل تضاريس بشرة الوجه في مجموعة من الخطوات تشبه تلك التي استخدمت في التعرف على الوجه ولكن في هذه العملية يتم الاستفادة من الصورة في الحصول على نموذج لتضاريس الجلد ومن ثم يتم تجزئة الصورة إلى مجموعات. وباستخدام خوارزميات رياضية يتم تحويل الصورة إلى بيانات تحدد الابعاد بدقة وتحدد كذلك خصائص البشرة. وقد افادت التجارب ان هذه التقنية الاضافية لانظمة التعرف على الوجوه قد حسنت النتائج بنسبة تصل إلى 25%.
اضاءة خافتة قد تسبب فشل للنظام في التعرف على الاوجة وتكون نسبة الخطأ كبيرة
وبالرغم من نجاح هذه الانظمة وتطورها الا انها لا تصل إلى درجة الكمال بعد وذلك لوجود بعض العوامل التي قد تعيق عملية التعرف على الوجه ومن هذه المعيقات ما يلي:
(1) الوهج الناتج عن ارتداء النظارات شمسية
(2) الشعر الطويل يحجب الجزء المركزي للوجه
(3) الإضاءة الخافتة التي ينتج عنها صور غير واضحة
(4) ضعف الدقة والوضوح للصور التي تؤخذ عن بعد
وللعلم عزيزي القارئ ليست شركة Identix® هي الشركة الوحيدة في هذا المجال حيث هناك شركات اخرى مثل شركة Animetrix, Inc وشركة FACEngine ID® و SetLight و Sensible Vision, Inc..
نظراً للتطور السريع لانظمة التعرف على الوجه والمدعمة بالتعرف على البشرة فإنها اصبحت منتشرة بكثرة في اماكن عدة بالمقارنة بالاعوام القليلة الماضية. وفي الجزء القادم من الموضوع سوف نلقي نظرة على تطبيق عملي لهذا النظام.
الاستخدام الحالي والمستقبلي لانظمة التعرف على الوجوه
في الماضي، كان المستعملون الأساسيون لبرامج التعرف على الوجوه هم اجهزة الامن، للتخلص من الاحتيال والنصب واعتقال المشبوهين. ولكن بدأت الحكومة الأمريكية مؤخرا يبرمج الزيارة الأمريكية US-VISIT أي United States Visitor and Immigrant Status Indicator Technology حيث استخدم هذا البرنامج نظام التعرف على الوجوه في منح وتسليم تأشيرة الدخول. فعندما يستلم المسافر التأشيرة يتم اخذ بصماته وكذلك صورة شخصية له، يتم التحقق من صاحب البصمة والصورة بانه ليس احد المشتبه بهم من خلال مقارنة صورته وبصمته بقاعدة بيانات خاصة للمجرمين المعروفين المشكوك فيهم. وعندما يصل المسافر إلى الولايات المتّحدة في ميناء الدخول، يتم استخدام تلك البصمات والصور نفسها للتحقق من ان الشخص الذي إستلم التأشيرة هو نفس الشخص القادم قبل ان يمنح اذن الدخول.
على أية حال، هناك الآن المزيد من الاستخدامات لهذه الانظمة في البنوك والمطارات وسوف تزداد هذه الاستخدامات وتنتشر اكثر كلما تطورت هذه التقنية وقلت تكلفة الحصول عليها. وجدير بالذكر انه يتم حاليا تجربة هذا النظام في برنامج يسمى المسافر المسجل Registered Traveler حيث يتيح هذا البرنامج للمسافر ان يسرع من اجراءات التفتيش واجتياز الحواجز الامنية من خلال تخصيص مسارات خاصة بهؤلاء الاشخاص المسجلين في هذا البرنامج حيث يتم التعرف عليهم من خلال كاميرات خاصة مثبتة على هذه المسارات بواسطة انظمة التعرف على الوجه.
تتضمن التطبيقات المحتملة لانظمة التعرف على الوجوه مكائن سحب النقود ATM في البنوك. حيث تقوم البرامج من التحقق من وجه العميل قبل ان تقوم باخراج النقود له، ومن الممكن ان يتم الاستغناء عن بطاقة سحب النقود والاكتفاء بالوقوف امام الماكنة التي ستتولى التعرف عليك وتفتح لك حسابك لتقوم بالسحب او الايداع.
كما تم استخدام نظام التعرف على الوجوه في ضبط حضور وانصراف الموظفين في الشركات والمؤسسات الضخمة وقد طورت شركة A4Vision نظام متكامل لهذا الغرض.
نظام ضبط حضور وانصراف الموظفين يعمل بتقنية التعرف على الوجوه
وفي النهاية عزيزي القارئ قريباً لن يعود هناك خصوصيات حيث سوف تعمل كاميرات خفية في كل مكان لتلتقط لك الصور وانت في الشارع او في المطعم او في المطار او في محالك المفضلة وتقارنها وتسجلها في قواعد بيانات وانت لا تدري.
ولمزيد من العلومات يمكنك الاطلاع على المواقع التالية:
تعليقات
إرسال تعليق
اضف تعليق